لطالما كانت هذه البلاد الطيبة – ولا تزال– أميرً وحكومة وشعبا، تشارك جيرانها الأفراح، وتشاطر إخوانها الأتراح، فما أُوجع قُطر من الأقطار، أو نُكب وطن من الأوطان، إلا سارعت بتطبيب الجراح، ومد يد العون للجميع بكل كرم وسماحة وجود، وغير خاف على أحد ما يبذل داخل الكويت وخارجها من قِبل المؤسسات والهيئات الحكومية والمستقلة، وكذا جمعيات النفع العام، والمبرات الخيرية، التي تسعى بلا كلل، وجُل همها أن تكسو العاري، وتطعم الجائع، وتعين المُبتلى، وليس أدل على ذلك البذل إلا شكر منظمة الأمم المتحدة لدولة الكويت على حملاتها الإغاثية المتكررة، وتكريمها لتكون من بين دول العالم (مركزا إنسانيا عالميا).
فلقد كُرم أمير الكويت صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله بلقب (قائد إنساني) بشهادة أممية، كما كُرم أخوه وسلفه الشيخ جابر الأحمد الصباح رحمه الله قبل عشرين عاما بلقب (شخصية العالم الخيرية).
وهذا بحمد الله تعالى من عاجل البشارة لبلادنا، كما يقول الدكتور وليد محمد العلي – أستاذ الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الكويت - أن تُكرم دولتنا في المحافل الدولية، وأن يُثنى على قياداتنا، فإن ذلك من عاجل بشرى المؤمن في الدنيا، فعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: أرأيت الرجل يعمل العمل من الخير، ويَحمَده الناس عليه؟ قال: ((تلك عاجل بُشرى المؤمن))؛ متفق عليه
فالحمد لله الذي زين للعباد حب المعروف، فإن صنائع المعروف وقاية من مصارع السوء والآفات والمهلكات، فإذا قرت عين بتذكر ما منّ الله تبارك وتعالى به على بلدتنا الطيبة من فضله، بكت أختها على ما تبصره من أحوال المستضعفين، وتألمت النفس على إخوان لنا عضتهم المِحن، وجيران لنا زلزلتهم الفتن، فمن أهلنا من حُرم رزق العافية في الأجساد، ومن جيراننا من حُرم رزق الأمن في البلاد، ومن إخواننا من حُرم رزق القوت للأكباد، فشهادة العالم لنا بالإنسانية تضاعف مسئولياتنا تجاه المعوزين والمنكوبين في كل مكان، إن لنا إخوان يحتاجون العون يرى الدكتور وليد العلي أن واجب علينا إغاثتهم ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، فرحم الله كل من أغاث ملهوفا بالغذاء أو الدواء أو الكساء أو حتى بالدعاء.
ويضيف فضيلة الدكتور أنه إذا بسط الله الرزق والعطاء لمن شاء من عباده، فقد جعلهم مستخلفين فيه، حيث أن العبد المؤمن خليفة راشد في هذا المال، يسلطه على هلكته في الحق، يقول الله تعالى : (آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ۖ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ ) الحديد 7 ، والعبد المؤمن إذا أعطي واتقي فقد ملَك المال، وإذا بخل واستغنى فقد ملكه المال، ولقد دلت النصوص على أن الإيمان والإحسان قرينان، كما أن الإنفاق والنفاق ضدان لا يجتمعان، لأن الإنفاق شعبة من شُعب الإيمان، والشح والبخل شُعبة من شُعب الكفر والفسوق، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله "صلى الله عليه و سلم": (لا يجتمع غبار في سبيل الله ولا دخان في جوف عبد أبدا ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا) أخرجه النسائي.
وفي ختام القول، يوصي فضيلة الدكتور وليد محمد العلي أحبابه من أهل الجود بإخلاص النية، فالصدقة وإن كانت على الإيمان برهان متحقق، فإن الذي يضاعف ثوابها هو إخلاص المتصدق، فربما سبقت قطرة من درهم سيل الدراهم المتدفق، وصدقة الجهر التي يبديها المرء لا تنافي صدق عمله وإخلاص نيته، فرب صدقة جهر رجحت بصدقة السر، لإيمان صاحبها وحُسن طويته، فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم آياته : ( إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ) البقرة 271 ، فكل إحسان منك للغير، هو وجه من وجوه الخير.